مناقشة رسالة ماجستير للباحث علي جمعة عبد خفي

تم مناقشة رسالة الماجستير في قسم القانون الخاص في كلية القانون / جامعة بغداد للباحث (علي جمعة عبد خفي) الموسومة بـ ( مدى انقضاء الالتزام بالتقادم – دراسة مقارنة) في يوم الاثنين الموافق 9/3/2015 على قاعة المناقشات في الكلية.وقد تناولت الرسالة موضوع التقادم المسقط باعتباره احد طرق انقضاء الإلتزام التي نص عليها القانون المدني العراقي , فقد ينقضي الإلتزام بالوفاء , وقد ينقضي بما يعادل الوفاء عن طريق الوفاء بمقابل او التجديد او الانابة في الوفاء او المقاصة او اتحاد الذمة , وقد ينقضي دون ان يوفى به عن طريق استحالة التنفيذ او الابراء او التقادم المسقط , والتقادم المسقط عبارة عن نظام قانوني قائم على مرور مدة من الزمن على حالة معينة فيرتب القانون على ذلك اثراً قانونياً معيناً . ولنظام التقادم المسقط اهمية كبيرة ناشئة من تعلق هذا النظام بالصالح العام للمجتمع, فهو يؤدي الى حفظ الأمن الاجتماعي واستقرار التعامل داخل المجتمع , وقد تجلت اهمية هذا النظام وحاجة المجتمع اليه من خلال سعي بعض الفقهاء المسلمين الى ايجاد نوع من التقادم لا يتعارض مع المبدأ العام المقرر في الشريعة الاسلامية والقاضي بعدم سقوط الحق مهما قدُم فتوصلوا الى اقرار نظام التقادم المانع من سماع الدعوى . كما ان هذا الموضوع له اهميتة العملية اذ ان قرارات المحاكم حافلة بالتطبيقات القضائية لهذا الموضوع .
وتهدف الدراسة الى معالجة مشكلات عدّة يمكن ان نلخصها بما يأتي:
1.    تحديد نطاق التقادم المسقط , فالتقادم المسقط قد يختلط مع بعض الانظمة التي تشتبه معه , فنظام التقادم المسقط قد يختلط مع مدد السقوط الامر الذي ادى الى ظهور اتجاهين فقهيين يقول احدهما بوحدة نظام التقادم المسقط والسقوط , ويقول الاخر بثنائية النظامين . كما ان عدم رسم الملامح الواضحة لحدود التقادم المسقط دعا البعض الى القيام بمحاولة لايجاد نظرية عامة تشمل التقادم المسقط والمكسب معاً بدعوى انهما لا يختلفان إلا من حيث الاثار , فلابدَّ اذن من تحديد نطاق التقادم المسقط تحديداً دقيقاً لتمييزه عن الاوضاع التي تشتبه معه .
2.    تحديد الاساس الذي يرتكز عليه  التقادم المسقط , فقد وقع خلاف في هذه المسألة , وقد قيل في تحديده اقوال عدة , فقد عدّه البعض نظاماً قانونياً مرتكزاً على قرينة براءة ذمة المدين , وعدّه البعض الاخر نظاماً قانونياً مرتكزاً على اهمال الدائن , بينما عدّه البعض الاخر نظاماً قانونياً مرتكزاً على اساس المصلحة العامة , كما ان هنالك من عدّه نظاماً قانونياً مقرراً لمصلحة المدين , ثم ان هذا الخلاف هل هو خلاف نظري ام انه خلاف تترتب عليه نتائج عملية ؟
3.    تحديد طبيعة الدفع بالتقادم المسقط , فهل هو دفع شكلي ام دفع موضوعي ام هو دفع بعدم قبول الدعوى؟
4.    تحديد حالة الإلتزام بعد مضي المدة المقررة في القانون للتقادم المسقط وقبل التمسك بالدفع به , فما حكم الإلتزام في هذه الحالة ؟ وما هي الاثار التي تترتب عليه ؟ ان عدم وضوح هذه المسألة ادى الى وقوع خلاف حول المقاصة من حيث امكانية اجراؤها بين التزام مضت على دعواه مدة التقادم وآخر لم تمضِ على دعواه هذه المدة.
5.    هنالك نقاش حول الإلتزام الطبيعي من حيث امكانية تخلفه عن مرور الزمان المانع من سماع الدعوى , ويرجع النقاش في هذه المسألة الى نقاش اكبر يتعلق بتبني القانون المدني العراقي لفكرة الإلتزام الطبيعي .
6.    تحديد الطبيعة القانونية للتقادم المسقط , اذ وقع خلاف في هذه المسألة , فهل ان التقادم المسقط مسقط للحق الموضوعي ذاته ؟ ام انه مسقط للدعوى مع بقاء الحق الموضوعي ؟ ام انه مسقط لعنصر المسؤولية في الإلتزام مع بقاء عنصر المديونية ؟ ثم ان هذا الخلاف هل هو خلاف نظري ام انه خلاف تترتب عليه نتائج عملية ؟.
ومن اهم النتائج والمقترحات التي توصل اليها الباحث هي:
1-     وجود نقص تشريعي في المادة (1162) من القانون المدني العراقي والتي نصت على تطبيق احكام الدعوى بالإلتزام على احكام الدعوى بالملك من حيث حساب مدة التقادم ووقفها وانقطاعها ,ومن حيث التمسك بالتقادم امام القضاء والتنازل عنه والاتفاق على تعديل المدة , واغفلت النص على الدعوى بالحقوق العينية الاخرى, اذ جاء في نص المادة (1162) من القانون المدني العراقي ما ياتي: (( تسري قواعد التقادم المانع من سماع الدعوى بالإلتزام ,على التقادم المانع من سماع الدعوى بالملك فيما يتعلق بحساب المدة ووقف التقادم وانقطاعه والتمسك به امام القضاء والتنازل عنه والاتفاق على تعديل المدة وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المانع من سماع دعوى الملك ومع مراعاة الاحكام السابقة )). واقترح الباحث تعديل المادة (1162) من القانون المدني العراقي لغرض تلافي النقص التشريعي الحاصل فيها , ويكون النص المقترح كالآتي: المادة 1162: ( تسري قواعد التقادم المانع من سماع الدعوى بالإلتزام , على التقادم المانع من سماع الدعوى بالحق العيني فيما يتعلق بحساب المدة ووقف التقادم وانقطاعه والتمسك به امام القضاء والتنازل عنه والاتفاق على تعديل المدة وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المانع من سماع الدعوى بالحق العيني ومع مراعاة الاحكام السابقة )
2-     وجود نقص تشريعي في ما يتعلق بالاحكام التي ينبغي ان تنظم التقادم المسقط لبعض الحقوق العينية من حيث الوقف والانقطاع وغير ذلك من الاحكام . واقترح الباحث ان يتم التدخل التشريعي لتنظيم الاحكام المتعلقة بانقضاء بعض الحقوق العينية بالتقادم المسقط , ويتطلب الامر اجراء دراسة متخصصة في هذا الموضوع للوصول الى احكام تنسجم مع طبيعة هذا النوع من التقادم .
3-    تبيّن ان هنالك خلل في صياغة المادة ( 232 ) من القانون المدني العراقي اذ جاء فيها: (( لا تسمع دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بعد انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المتضرر بحدوث الضرر وبالشخص الذي احدثه … ))  حيث يلاحظ ان النص استخدم حرف ( الواو ) للجمع بين تأريخين وهما : تاريخ حدوث الضرر وتاريخ العلم بمحدث الضرر ولازم ذلك استحالة اجتماع التأريخين في الفرض الذي يعلم فيه المتضرر بالضرر في تاريخ معين ثم يعلم بمحدث الضرر في تاريخ اخر وعندئذ يثار التساؤل الاتي من اين تبدأ المدة ؟ فهل تبدأ من تاريخ العلم بالضرر ام من تاريخ العلم بمحدث الضرر؟ واقترح الباحث ان تعدل المادة (232) من القانون المدني العراقي , ويكون النص المقترح كالآتي: المادة 232: ( لا تسمع دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بعد انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المتضرر بالشخص الذي احدث الضرر ولا تسمع الدعوى في جميع الاحوال بعد انقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع ) .
4-     وجود نقص تشريعي في القانون المدني العراقي فيما يتعلق بتحديد التاريخ الذي تبدأ منه المدة الجديدة بعد انقطاع مدة التقادم المسقط . واقترح الباحث تعديل الفقرة (1) من المادة (439) من القانون المدني العراقي , ويكون النص المقترح كما يأتي: المادة 439/1: ( اذا انقطعت المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بدأت مدة جديدة كالمدة الاولى تسري من تاريخ انتهاء الاثر المترتب على سبب الانقطاع )
5-    هنالك تعارض بين المادة ( 442/1 ) من القانون المدني العراقي وبين المادة ( 414 ) منه , اذ جاء في المادة ( 442/1 ) المذكورة آنفاً ما يأتي : (( لا يجوز للمحكمة ان تمتنع من تلقاء نفسها من سماع الدعوى لمرور الزمن بل يجب ان يكون ذلك بناءً على طلب المدين او بناءً على طلب دائنيه او اي شخص اخر له مصلحة في هذا الدفع ولو لم يتمسك به المدين )) , وجاء في المادة ( 414 ) ما يأتي (( اذا كان الدين لا تسمع فيه الدعوى لمرور الزمن وقت التمسك بالمقاصة فلا يمنع ذلك من وقوع المقاصة ما دامت المدة اللازمة لعدم سماع الدعوى لم تكن قد تمت في الوقت الذي اصبحت فيه المقاصة ممكنة )) حيث يفهم من المادة ( 442/1 ) ان الإلتزام بعد مضي مدة التقادم المسقط وقبل الدفع به يعتبر التزاماً مدنياً حيث ان المشرع لم يرتب اثار التقادم على مجرد مضي المدة , ويترتب على ذلك انه يجوز ان تقع المقاصة بين الإلتزام الذي مضت على دعواه مدة التقادم ولم يتم الدفع به من ذي المصلحة  وبين التزام مدني اخر, بينما يفهم من المفهوم المخالف للمادة ( 414 ) ان المقاصة لا يمكن ان تقع بين التزام مضت على دعواه مدة التقادم وبين التزام لم تمضِ على دعواه مدة التقادم ما دام الدينان قد التقيا في الوقت الذي كانت فيه مدة التقادم قد مضت على دعوى احد الإلتزامين . ولازالة هذا التعارض اقترح الباحث تعديل المادة (414) من القانون المدني العراقي , ويكون النص المقترح كما ياتي: المادة 414: ( اذا كان الدين لا تسمع فيه الدعوى لمرور الزمن وقت التمسك بالمقاصة فلا يمنع ذلك من وقوعها حتى لو كانت المدة اللازمة لعدم سماع الدعوى قد تمت في الوقت الذي اصبحت فيه المقاصة ممكنة طالما لم يتم التمسك بالتقادم في هذا الوقت) .
وقد تالفت لجنة المناقشة من التدريسيين المدرجة اسماؤهم ادناه:

1-    أ.د. سعد حسين عبد ملحم / قانون مدني / كلية القانون – جامعة الفلوجة / رئيسا.
2-    أ.م.د. راقية عبد الجبار علي / قانون مدني / كلية القانون – جامعة بغداد/ عضوا.
3-     م.د. ندى عبد الكاظم حسين/ قانون مدني / كلية القانون – جامعة بغداد / عضوا.
4-    أ.د. جليل حسن بشات /قانون مدني / كلية القانون – جامعة بغداد / عضوا ومشرفا.
وقد كان المقوم العلمي للرسالة هو ( أ.م.د. حسن محمد كاظم / كلية القانون- جامعة كربلاء ). وكان المقوم اللغوي للرسالة هو ( أ.م.د. حميد سلطان علي/كلية القانون- جامعة بغداد).
     وبعد مناقشة مستيفضة للرسالة من قبل اللجنة ودفاع الطالب عن رسالته اوصت اللجنة بقبول الرسالة ومنح الباحث شهادة الماجستير.  
*************الف مبروك*************


Comments are disabled.